نظرات فى بحث الطبيب المسلم والتحديات المعاصرة
صاحب البحث أو المحاضرة أحمد بن حمد الخليلي والمحاضرة عن دور الطبيب فى حياتنا المعاصرة وقد استهل الخليلى محاضرته بالتحدث عن مكانة مهنة الطب فى الإسلام فقال :
"الموضوع الأول هو مكانة مهنة الطب في الإسلام:
مهنة الطب في الإسلام مهنة ذات شأن عظيم وقدر جليل، ذلك لأن الإنسان وهو يضطلع بهذه الأمانة الكبرى، أمانة الخلافة في الأرض، لا بد له من أن يكون وهو في هذه الحياة يحرص على سلامته من أخطارها ؛ على أن حياة الإنسان حياة غير سليمة من الأخطار، وغير صافية من الأكدار..
طبعت على كدر وأنت تريدها................صفوا من الأقذار والأكدار
فالصحة يعتريها السقم، والقوة يعقبها الضعف، والغنى يهدده الفقر، والراحة يلح وراءها التعب، وهكذا شأن الحياة، فلذلك على الإنسان وهو يمخر عباب هذه الحياة أن يحرص قدر مستطاعه على تفادي الأخطار ومعالجة المشكلات وتحدي التحديات حتى يتغلب على مشكلات هذه الحياة.
ومن بين هذه المشكلات التي يغالبها المرء في هذه الحياة مشكلات السقم، ونحن نجد أن الطب ليس هو العلاج فحسب، بل أيضا هو الطب الوقائي، والإسلام جاء بالطب الوقائي، وتشريعاته كلها تصب في هذا المصب عندما تتعلق بهذا الجانب؛ فنجد أن الله تبارك وتعالى منع الإنسان من الإسراف الذي يؤدي به إلى الضرر في جسمه، أي الإسراف في المأكل والمشرب، فقد قال عز من قائل: " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين "، وهذا من الطب الوقائي، لأن الإسراف يؤدي إلى الضرر البالغ، والنبي (ص) يقول: ( ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولا محالة فثلث للطعام، وثلث للشراب وثلث للتنفس )، وهذا من الطب الوقائي في الإسلام.
على أن ما حرمه الله سبحانه وتعالى على الإنسان إنما هومن المضار، فكل محرم على الإنسان فيه مضرة، فالميتة والدم ولحم الخنزير كل منها ذو ضرر على الإنسان، فلذلك حرم عليه تعاطيه؛ والخمر أيضا مضارها لا تقف عند حد، ولا يزال الطب الحديث يكتشف مضار الخمر مع ما وقع فيه بعض الأطباء القدامى، ومن بينهم أطباء مسلمون من عثرات فيما يتعلق بجانب الخمر، إذ زعموا اغترارا بما قاله عشاقها من أنها ذات منافع تعود على الجسم، وقالوا من بينها بأنها تصفي الدم، وأنها تنضر الوجه، وأنها تساعد على الهضم، أكتشف بما لا شك فيه أن حقيقة الأمر على خلاف ذلك تماما، فهي سبب للإضرار بالدم والدورة الدموية، وسبب للإضرار بالشرايين، وسبب للإضرار بالكثير الكثير من طبيعة حياة الإنسان، وهي تؤدي أيضا إلى عسر الهضم، وتؤدي أيضا إلى أمراض الكبد، وتؤدي إلى أمراض القلب، وتؤدي إلى غير ذلك من الأمراض. وهذا على أي حال مما يدل على إعجاز كتاب الله، فإن ما يكون من قبل البشر من اجتهاد ونظر لا بد من أن يكون فيه الكثير من الخلل، وهذا واضح جدا وصدق الله: " ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ".
ونجد أن الإسلام الحنيف يحرم أيضا تحريما جازما أن يتناول الإنسان ما يؤدي به إلى قتل نفسه، فلذلك حرمت السموم كما حرم قتل النفس بأي وسيلة من الوسائل، والقرآن الكريم ينص على ذلك عندما يقول عز من قائل: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا* "؛ والحديث عن النبي (ص)ينص على أن ( من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من شاهق فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تناول سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)، كل ذلك يدل على ضرورة معرفة الإنسان بما يضره، وهذا يعني أن على الإنسان أن يعرف المضار من الأطعمة والأشربة وغيرها مما يتناوله، عليه أن يعرف المضار من كل ما يلج جوفه، ومن كل ما يتناوله للعلاج، سواء كان طعاما أو شرابا أو بطريق الاحتقان، أو بطريق التضميد، فإن ذلك كله مما يجب عليه أن يكون على بينة منه قبل أن يقدم عليه، ولا يمكن لأي أحد أن يكون خبيرا بهذه الأشياء كلها، فمن هنا تبدو ضرورة وجود أطباء مهرة، يعرفون ما يضر وما ينفع ليقوا مجتمعهم المضار من خلال التوعية.
هذا وبجانب هذا أيضا، فإن الإسلام يدعوا إلى الإنقاذ، أي أن ينقذ الإنسان غيره من الهلكة، وحياة الإنسان حياة ذات قيمة عظيمة، ومن أجل هذا كانت حياة الإنسان كحياة الجنس البشري إن أودى بها أحد أو إن أنقذها، فالله سبحانه وتعالى يقول: " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا "، ومعنى هذا أن الطبيب الذي يكون السبب لإحياء نفس بشرية وإنقاذها من الهلكة فهو كمن أحيا الناس جميعا، ولا يمكن لأي أحد أن يقوم بذلك، فإن غير العالم بالشيء قد يفسد من حيث يظن أنه يصلح، وقد يدمر من حيث يحسب أنه يعمر، وقد يقتل وهو يظن أنه يحيي، فإذن الضرورة داعية لمعرفة الطب والعلاج من أجل إنقاذ هذه النفوس التي جعل الله تبارك وتعالى لها هذه الحرمات."
والكلام السابق هو كلام صحيح فالطب يشمل الوقاية والعلاج فدور الأطباء ليس داخل المشافى فقط وإنما لهم دور تعليمى فى تعليم الناس سبل الوقاية من خلال وسائل الاعلام ولهم دور أخر فى رقابة كل ما يدخل الجسم من أغذية ومشروبات وحتى الكساء نفسه وحتى غير هذا قبل استعمال الإنسان له فمثلا لهم دور فى منع المبيدات والرش المتسبب فى فساد الثمار وغيرها ولهم دور فى منع الفلاحين من قطف الثمار قبل نضجها ولهم دور فى منع مرضى الأوبئة من الدخول داخل البلاد لمنع نشر الوباء
والمأخوذ على كلام الرجل هو الاستشهاد بأحاديث لم يقلها النبى(ص) كتعذيب بالسم وخلق جبل له لينتحر من عليه فى النار وهو كلام ليس موجودا فالسم والسلاح كالمسدسات والسكاكين وحبوب المنومات وغيرها لا وجود لها فى الآخرة لأنهم كما قال تعالى " وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم "
والخطأ فى الحديث أن المنتحرين كلهم يدخلون النار وهو ما يخالف أن بعضهم لا يدخلون النار لأن نيته من الإنتحار نية حسنة أو أنه تاب قبل أن يموت ومن تاب تاب الله عليه لقوله تعالى بسورة النساء "ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم "والخطأ الأخر هو أن وسيلة تعذيب قاتل نفسه هى وسيلة قتله لنفسه ولم يرد فى القرآن أى شىء عن هذا ،زد على هذا أن المنتحر بالحبوب المنومة لا يمكن أن يحدث فى النار لعدم وجود النوم فيها لعدم وجود الموت المؤقت أو غيره فيها مصداق لقوله تعالى بسورة الأعلى "ثم لا يموت فيها ولا يحيى "
وتحدث عن أن كل مرض له دواء معروف أو غير معروف فقال :
"وبما أن الإسلام دين الفطرة، كان التجاوب مع متطلبات هذه الفطرة تجاوبا ذا انسجام معها، فهو ينسجم مع الفطرة في كل متطلباتها، ومن أجل هذا جاء الحض على التداوي لأجل أن ينقذ الإنسان نفسه من الهلكة، فالنبي (ص) يقول: ( تداووا عباد الله، فإن الذي خلق الداء خلق الدواء، ولكل داء دواء إلا السام ) أي الموت؛ وهذا من إعجاز النبوة، فالنبي (ص) يخبر أن لكل داء دواء إلا الموت، فإن الموت فريضة على الكل " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة " فلا يمكن أن يدفع الموت شيء، ولكن الأمراض على اختلافها خلق الله تبارك وتعالى لها دواء، سواء كان الناس على علم بهذا الدواء أولم يكونوا على علم به، ونحن نرى أن الناس تمر بهم مراحل وهم يكتشفون أمراضا وعلل لا يعرفون لها دواء، إلا أن في طيات مخلوقات الله سبحانه وتعالى أدوية تكتشف ولو بعد حين، فأمراض السرطان مثلا من العسير علاجها، ولكن يكتشف لها دواء بين حين وآخر على اختلاف أنواعها. كذلك الآن من الأمور الشاغلة لبال الكثير من الناس ما يسمى بمرض فقدان المناعة المكتسبة، وهذا المرض لا بد من أن يكون له دواء، والأطباء يسعون لاكتشاف علاجه؛ والحديث يدل على أن كل علة من العلل يصاب بها البشر لا بد من أن يكون لها دواء، فعلى أي حال العلاج مطلوب، والحديث يحض على العلاج، والعلماء وإن حملوا هذا الأمر على الإباحة ،إلا أنه فيما يبدوا ينبغي أن يحمل على الندب وذلك لما في هذا العلاج من نعمة الله تبارك وتعالى على العباد، إذ يتقوى الإنسان على طاعة الله تبارك وتعالى وحسن عبادته عندما يكون صحيح الجسم، والحديث النبوي الشريف يقول: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف )، وهي قرينة تقتضي أن يصرف هذا الأمر إلى الندب على الأقل.
على أن من الفقهاء من قال إنه للوجوب، وهؤلاء كانوا قلة، إلا أنه ينبغي أن يقال أن إهمال الإنسان علاج نفسه إن كان مظنة لأن يفضي به إلى الهلكة، فإن التهلكة ممنوعة في الإسلام، فالله تعالى يقول: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة "، فيتأيد هذا القول، وهو القول بوجوب تعاطي العلاج، عندما يكون الإنسان خائفا من الهلكة والنبي (ص) بنفسه تعالج، ومن ضمن علاجه الحجامة التي احتجمها (ص). على أن إهمال العلاج لوكان خيرا لكان أولى به الرسول (ص)، فهو بنفسه عني بالعلاج، وهو بنفسه أيضا حث على العلاج، فكفى ذلك دليلا أيضا على أن العلاج مطلوب."
وتحدث عن أن دراسة الطب فيها جانب روحى وبالأحرى جانب معرفى يؤدى بالأطباء أو القراء لتثبيت إيمانهم بوجود الله وصحة دينه فقال :
"وبجانب ما من ذكرناه من هذه المنافع التي قد تبدو منافع مادية من حيث مظهرها، وهي كما ذكرنا أيضا منافع دينية من حيث النظر إلى جوهرها وإلى حقيقتها، لعلم الطب فإن فيه منافع روحانية، إذ الإنسان مطالب بأن يعتبر بخلقه، هو مطالب بأن يفكر مليا في خلقه؛ وجسم الإنسان دواوين ضخمة فيها من آيات الله تبارك وتعالى ما لا يقع في حسبان أحد على أن كل خلية من خلايا الإنسان دراستها تحتاج إلى الكثير الكثير، لعلها تحتاج إلى مجلدات، دراسة خلية من خلايا الإنسان تحتاج إلى الكثير مما يكتب، لعلها تحتاج إلى مجلدات، ونحن نترك الحديث لأهل الطب أنفسهم لأن يتحدثوا عن هذا؛ وقد تأملنا كتاب الله فوجدناه يدعونا إلى النظر في خلقنا، فالله سبحانه وتعالى يقول: " وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون * ". والله تعالى يقول: " فينظر الإنسان مم خلق * خلق من ماء دافق * يخرج من بين الصلب والترائب * إنه على رجعه لقادر * "، ويقول: " قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره * ".
والتأمل في هذه الآيات الكونية في خلق الإنسان يؤدي إلى رسوخ الإيمان، وقوة اليقين، وزوال الشكوك واللبس، ومتانة الصلة بالله تبارك وتعالى، ونحن على أي حال نجد مما نقرأه – وإن كان نزرا يسيرا – ما كتبه الأطباء عن خلق الإنسان، نجد في ذلك العجب العجاب، ولعل دراسة جوانب يسيرة من هذه المعلومات تؤدي بالكافر إلى أن يؤمن، وتؤدي بالشاك إلى أن يوقن، وتؤدي بالملحد إلى أن يتبدد إلحاده."
وتحدث الخليلى عن علاقته بموريس بوكاى من خلال الملتقيات والقراءة فقال :
"ومن الأمور التي تؤكد هذا قصة الدكتور موريس بوكاي، وأنا لا أعرف الآن حياته من مماته، لأنني لم ألتق به إلا مرة واحدة قبل واحد وعشرين عاما، قبل أن يعلن إسلامه، ولعله سئل في ذلك الوقت عن دينه هل هو مسلم أو غير مسلم فقال: دعوني وعلاقتي بربي، وإنما علي أن أخدم الإسلام من خلال هذه البحوث.
الدكتور موريس بوكاي كان طبيبا جراحا، وهو فرنسي، وبحكم علاقة الكثير من العرب بفرنسا بسبب الاستعمار الفرنسي وكونهم يتحدثون باللغة الفرنسية، كان الكثير من هؤلاء يذهبون للعلاج إلى فرنسا، وكانت له علاقة بكثير منهم، وقد شد انتباهه ما يراه من الفارق بين المسلم وغير المسلم؛ عندما يقدم المسلم على عملية جراحية يكون وضعه مختلفا عن وضع غير المسلم، فالمسلم يقدم على العملية الجراحية برباطة جأش وبقوة يقين، مع ثلوج صدره وانشراحه، فسأل عن هذا السر، فأخبر أن سر ذلك الإيمان، وأراد أن يكتشف هذا الإيمان، ومن حيث إن علاقته بالمرضى العرب علاقة وطيدة، وكثير منهم لم يكونوا يحسنون اللغة الفرنسية التي يتحدث بها أراد دراسة العربية، وكان أولا يريد أن يدرس المعلقات السبع، ولكن رأى بدلا من ذلك أن يدرس القرآن الكريم، فعني بدراسة القرآن الكريم، وعندما جاء إلى سورة المؤمنون إلى قول الله سبحانه وتعالى فيها: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * " استوقفته هذه الآية كثيرا، ورأى أن هذا الحديث لا يمكن أن يكون صادرا عن أحد من البشر في تلكم الحقبة التأريخية التي لم يكن فيها الطب بهذا القدر من الاكتشاف لأسرار الحمل، وطبيعة الخلق، وأغوار الأرحام. رأى من العجب ما شده إلى المزيد من البحث، ذلك لأن هذه الأطوار الموجودة في هذه الآية الكريمة لم تكن معروفة تمام المعرفة عند الناس في تلكم الأحقاب التأريخية الغابرة، ومع هذا كله جاءت صريحة.
على أنه مما شده أيضا ما يدل عليه القرآن الكريم، ما تدل عليه الآية من طبيعة الرحم، فقد وصفه الله تبارك وتعالى بأنه قرار، والقرار هو مكان الاستقرار، والاستقرار إنما يكون عن طمأنينة، ومع ذلك وصف هذا القرار بأنه مكين، والمكانة تدل على القوة، وطبيعة الرحم هذا أقصى ما يمكن أن توصف به، لأن الرحم يكتنف بما يقي الجنين ما يصيب الأم من اللكمات والهزات، فهو مكان الاستقرار، وعلى بابه إفرازات تقضي على الجراثيم التي تحاول أن تتسرب إلى الجنين لتفتك به، وهذه الإفرازات بمثابة الجنود القائمين على ثغور الحصون من أجل صد هجمات الأعداء عنه. فإذن الرحم بمثابة الحصن الحصين بطبيعته التي خلقه الله عليها، وهذه الإفرازات بمثابة هؤلاء الجنود الأبطال الذين يحرصون بعيون ساهرة هذه الثغور لئلا تصل إلى من بداخل الحصن فتفتك به.
ووجد أيضا مما يدعو إلى الاعتبار أن الله تبارك وتعالى يقول: " فكسونا العظام لحما " بفاء الترتيب، وهذا الذي دل عليه الطب، وأن خلايا العظام سابقة على خلايا اللحم، ثم بعد ذلك يأتي اللحم بمثابة الكسوة لهذه العظام. وكذلك استوقفه قول الله تبارك وتعالى " علقة "، و" مضغة " ، وما هو الفارق بينهما؟ فما هي العقلة؟ وما هي المضغة؟ ورجع إلى كتب التفسير ليجد ما يشفي غليله فلم يجد، ولكنه برجوعه إلى كتب اللغة ونظره في اشتقاق هاتين الكلمتين وجد ما يدله على سر هذا التعبير القرآني الذي هومن دلائل إعجاز القرآن الكريم؛ فإن العلقة مشتقة من العلوق، وهذه المرحلة يعلق فيها هذا الكائن بجدار الرحم لانفتاح باب الرحم، ثم ينسد بعد ذلك الباب، ويؤمن الخروج، ويكون هذا الكائن بمثابة المضغة، أي الشيء الذي يمضغ ويتردد بين جوانب الفم، فزاده ذلك إعجابا بما اطلع عليه، ودعاه ذلك إلى المزيد من البحث، فكان يرى الآيات الكونية في القرآن الكريم تدل دلالة واضحة على ما توصل إليه الإنسان من الاكتشاف، ولعل كل اكتشاف إنما هو تفسير لكتاب الله سبحانه وتعالى.
ثم استعان بعد ذلك بذوي الخبرات الأخرى، كعلماء النباتات وعلماء الفلك وغيرهم، وعرض عليهم ما وجده في كتاب الله، فوجد حقيقة القرآن تتجلى فيما اكتشف من هذه العلوم بأسرها. ثم حاول أن يقارن بين القرآن وبين الكتابين اللذين سبقاه في النزول، فوجد أن النصوص التي تدل على حقائق الكائنات في الكتابين السابقين قليلة، ومع قلتها تصطدم بالواقع، ويدل الواقع على تحريفها، والقرآن الكريم مع كثرة نصوصه التي تدل على هذه الاكتشافات هي عين الواقع، ولا تختلف عن الواقع؛ فوصل إلى نتيجة وهي أن الكتاب الوحيد الذي بقي كما أنزل لم تطله يد التحريف والتبديل إنما هو القرآن الكريم، وألف في هذا كتابا سماه: ( العلم في التوراة والإنجيل والقرآن )، وكان ذلك قبل عقود من السنين من وقتنا هذا، ألف هذا الكتاب باللغة الفرنسية، ثم ترجم إلى الإنجليزية، ثم ترجم ترجمتين – على ما أحسب – إلى العربية، وقد كان منذ نحو عقدين من السنين موجودا عندي، ولكنه ضاع لم أعرف عنه أين ذهب."
والخطأ فى الكلام هو القول بسبق خلايا العظام لخلايا اللحم وهو ما يتناقض أن المرحلة السابقة هى المضغة وهى اللحم الممضوغ كما يقولون وهى على نوعين مخلقة أى متطورة حيث يتحول اللحم إلى عظام وغير مخلقة أى غير متحولة وهى اللحم الذى يبقى لحم فى صورة أعضاء وعضلات وغضاريف وجلد وفى هذا قال تعالى :
ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَ
وعندما اجتمعنا في مطلع القرن الهجري الذي نحن فيه في الجزائر، في الملتقى الخامس عشر للفكر الإسلامي، وكنا في يوم من الأيام على طاولة واحدة نتناول الطعام، ففرغت زجاجة ما؛ لما فرغت الزجاجة تناول الزجاجة وضرب بها الطاولة ليأتي من يقدم الماء فيقدم زجاجة أخرى، وقال على إثر ذلك: " وجعلنا من الماء كل شيء حي ". ثم قال: في هذه الآية من الإعجاز ما تحار به العقول. ثم سألني بعد ذلك: هل اطلعت على كتابي ( الإنسان والقرآن )؟ فقلت له: لا. وبعد فترة رجعت واطلعت على مجلة الأمة، التي كانت تصدر من قطر، وأظنها لا تزال تصدر، هي مجلة دورية، فوجدت فيها استعراضا لهذا الكتاب، وجدت فيها كثيرا مما كتبه في هذه الآية الكريمة، ومن الإعجاز العجيب إعجاز هذه الآية الكريمة.
فالطبيب المسلم إذن عندما يطلع على هذه الحقائق يزداد إيمانه قبل كل شيء رسوخا، ويقينه ثباتا، ثم تكون عنده وسيلة للدعوة إلى الله تبارك وتعالى من خلال هذا الذي اطلع عليه. والرجل بعد هذه الفترة اطلعت في بعض الصحف على إعلانه الإسلام، وأنه أعلن أنه رضي بالإسلام دينا، وبمحمد (ص)رسولا، وبالله تبارك وتعالى ربا، فزالت الشكوك من حوله.
هذا عن العنصر الأول، ونظرا إلى ضيق الوقت حسبما يتبين أحاول أن أختصر في بقية العناصر."
وتحدث عن العنصر الثانى مركزا على أسماه الطب النبوى فالنبى(ص) لم يكن طبيبا جسديا ولا الوحى نزل عليه بالطب وإنما نزل عليه بأحكام التعاملات فقال :
"العنصر الثاني: عن الأطباء المسلمين وما ساهموا به في مجال الطب.
نحن نرى أولا وقبل كل شيء أن رأس الأطباء إنما هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأحاديث النبوية حافلة بالطب النبوي، وفيها من الإعجاز العجب العجاب. حديث الذبابة تنكر له من تنكر ولكن تجلى بعد ذلك أن الحديث معجز، وقد شرح إعجازه نقلا عما قاله الأطباء الأستاذ سعيد حوى في كتابه ( الرسول (ص)). وكذلك نجد أن الحديث النبوي الشريف يدل على أن الحمى من فيح جهنم، وأن علاجها بإبرادها بالماء، وهذا مما وقعت فيه بنفسي، فقد مرت علي فترة أصبت فيها بحمى شديدة، وكنت أحس ببرد شديد، ولما دخل علي الطبيب بدلا من أن يوافق على أن أبقى تحت الدثار أزال الدثار عني، وجاء بالماء البارد وصبه علي، فكان في ذلك علاجا لهذه الحمى، وأيقنت إعجاز هذا الحديث الشريف، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي تدل على أن النبي (ص)كان على رأس الأطباء. على أن هذه المهارة الطبية لم تكن بدراسة عند أطباء، ولم تكن أيضا بممارسة، إذ لم يكن النبي (ص) بنفسه يمارس المهنة الطبية، وإنما ذلك بإعلام الله تبارك وتعالى إياه " إن هو الا وحي يوحى * علمه شديد القوى * ".
وعلى أي حال نحن نرى لو أن المسلمين وقفوا عند إرشاد الأحاديث النبوية إلى الأمور الطبية لكان في ذلك قطعوا شوطا بعيدا، ولكن كما ذكرنا اغتروا ببعض ما قاله الأطباء الآخرون، فلذلك سرى إلى كتبهم ما سرى من الأوهام، وأثر ذلك حتى على كتابات المفسرين كما ذكروه في تفسير سورة البقرة في تفسير قول الله تبارك وتعالى: " ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " فقالوا بأن المنافع هي هذه المنافع المذكورة، مع أن ما ذكر ليس بمنفعة قط، وإنما كانت المنافع منافع مادية بحتة، وهي ضرر أكثر منها منفعة، فلذلك ألغاها الإسلام ولم يعتبرها. "
قطعا معظم ما ينسب للنبى (ص) من أقوال فى الطب هو كذب عليه فحديث كون الحمى من فيخ جهنم كذب لتعارضه مع كتاب الله والخطأ فيه أن الحمى من النار ويخالف هذا أن الحمى فى الدنيا وأما النار ففى الغيب فكيف يكون شىء غيبى فى عالم الشهادة أليس هذا جنونا ؟
كما أن الحمى لو كانت من النار لكانت نار الحر فى الدنيا تساوى حر نار جهنم ولكن الحادث هو أن نار جهنم أشد حرا وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "وقالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون"
وحديث الذبابة لا يمكن اثباته تجريبيا ففى تجارب متعددة لى مع الشاى الذى يسقط فيه الذباب مرات أصبت بمغص وإسهال ومرات لم أصب بشىء ومن ثم يجب استبعاد هذا الطب المنسوب كذبا إلى النبى(ص) ولو صح بعض منه فهو نتيجة الطب الشعبى السائد فى بيئته كما الحال مع الطب البدوى الحالى وغيره
وتحدث عن كتب طبية وأطباء فقال :
"ومع هذا فإن للمسلمين إسهاما في علم الطب، وحسبنا أن ( القانون ) لابن سينا كان إلى عهد قريب مرجعا للأطباء في أوروبا ، وكذلك ما كتبه الفخر الرازي، وما كتبه ابن رشد، وما كتبه غيرهم من الأطباء.
ونحن عندما ننظر أيضا إلى التأريخ العماني نجد أن هنا الكثير من الأطباء المهرة، وحسبنا عندما ننظر إلى الأطباء من أسرة ابن هاشم، فقد تسلسل فيهم الطب جيلا بعد جيل، ودام الطب في هذه الأسرة أكثر من قرنين من الزمن، كان فيهم الأطباء المهرة. ومن العجيب أنه في تلكم المرحلة المبكرة استطاعوا أن يشخصوا كثيرا من طبيعة العين الغامضة، فرسموا العين، ووضحوا كيف علاقة شؤون العين بالجسم توضيحا عجيبا، كان ذلك في مرحلة مبكرة؛ وأحدهم قام بعملية لأحد من الناس نطحه ثور فأخرج أمعاءه، فرد الطبيب هذه الأمعاء إلى باطنه وشك جلده وعادت كما كانت وعادت الصحة إليه. وكان لهم اتصال بأطباء فارس في ذلك الوقت، كانوا يراسلون أطباء فارس ويتبادلون بينهم المعلومات."
وتحدث عن أهمية وجود الطبيبة المسلم والطبيبة المسلمة فى مجتمعاتهم حفاظ على عورات المسلمين واسرار بيوتهم فقال :
"العنصر الثالث: أهمية وجود الطبيب والطبيبة المسلم والمسلمة
أي أهمية وجود الطبيب المسلم والطبيبة المسلمة
نعم..المسلم لا يطمئن إلى أحد طمأنينته إلى من شاركه في العقيدة، ووثق بدينه وأمانته، ولربما قال الطبيب المسلم: ما بك من مرض يقتضي أن تستمر على الإفطار ولا تصوم شهر رمضان...وهنا عندما يتمكن من مراجعة الطبيب المسلم الذي يثق بدينه وأمانته لا ريب أن إقدامه على ذلك يكون إقداما على بينة من الأمر وبصيرة، فلذلك كانت الضرورة داعية إلى الطبيب المسلم. أما بالنسبة إلى الطبيبة المسلمة فإن المرأة يجب أن تصون نفسها، والنص القرآني يأمر المرأة أن لا تبدي زينتها إلا لطائفة من الرجال، ثم بعد ذلك قال: " أو نسائهن " أي النساء المؤمنات؛ ومعنى ذلك أن المرأة عليها أن تستر نفسها عند غير المسلمة، أو عند الفاسقة ولو كانت منتسبة إلى الإسلام، لعدم أمن غير المسلمة والفاسقة من المسلمات أن تحدث بما تخبئه المرأة ولا تحب أن يتحدث عنه من محاسنها، فلذلك كان صون المرأة أمرا ضروريا، ومن هنا تأتي ضرورة وجود الطبيبات المسلمات اللواتي يقمن بالاكتشاف على أمراض النساء ويعالجن النساء."
وفى العنصر التالى تحدث عن أن دراسة الطب تثبت الإيمان بالله ولا تؤدى للإلحاد فقال :
"والعنصر الرابع: أن دراسة الطب لا تتعارض مع الدين الإسلامي..
وكيف تتعارض دراسة الطب مع الدين، مع أن الدين هو الذي يحث على العلاج ويأمر به، وهذه الدراسة تؤدي إلى قوة هذا الدين ورسوخه، ورسوخ معتقداته في النفس؟! فكيف مع هذا يقال بأن هذه الدراسة تتصادم مع الدين؟!
لا ريب أن هذه الدراسة تقوي جانب الدين. على أن المؤمن القوي كما ذكرنا حسبما جاء في الحديث الشريف خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والقوة كما تكون قوة مادية تكون أيضا قوة معنوية، فالخبير لا ريب أنه قوي، العالم بالشيء هو اقوى من الجاهل به، فالطبيب العالم هو اقوى ممن يجهل الطب، فإذن هو خير وأحب إلى الله ممن يجهل الطب من هذه الناحية. على أن الأمة المسلمة مطالبة بأن تكون أمة مستقلة في شؤونها، عليها أن تسعى إلى استقلالها حتى لا تفتقر إلى غيرها في شيء، ومنهج الرسول (ص)في تربية الأمة دل على ذلك؛ فهو عندما هاجر إلى المدينة المنورة وكانت الناحية الاقتصادية في أيدي اليهود، حرص على أن تكون للمسلمين سوق، وأن تكون تجارة مستقلة للمسلمين حتى لا يقعوا تحت تأثير اليهود. وهكذا كل مجال من المجالات ينبغي للمسلمين أن يكونوا مستقلين فيه لا يحتاجون إلى عدوهم، ومن بين هذه المجالات التي يفرض فيها الاستقلال لهذه الأمة الطب، فكم هي منفعة الأمة عندما يكون فيها الأطباء المهرة، وعندما يكونون غير محتاجين إلى مهارة غيرهم في الطب! مع ما ذكرناه من أن الطب قربة إلى الله تبارك وتعالى، لأن الطبيب المسلم الذي هوموصول بالله تعالى بحبل الإيمان يحرص دائما أن تكون أعماله قربة إلى الله، ومن بين هذه الأعمال ما يقوم به من علاج، فهو عبادة يتقرب بها إلى الله ينوي به طاعة أمره، والله تبارك وتعالى يقول: " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا "، جعل للنفس البشرية هذه الحرمات العظيمة بحيث يكون من أحياها كمن أحيا الناس جميعا، أوليس ذلك دليلا على عظم شأن الطب، ورفعة قدر الطبيب وعظم أجره الذي يناله من الله سبحانه وتعالى عندما يخلص لله تعالى عمله، وينضبط عمله بضوابط الشريعة الإسلامية بحيث لا يتجاوز حدود الله؟!"
وتحدث عن أن الطبيب المسلم نتيجة أحكام دينه يتمتع بمميزات ليست فى غيره فقال :
"العنصر الخامس: صفات الطبيب المسلم وما يميزه عن غير المسلمين..
نعم..الطبيب المسلم يمتاز بما يجب أن يمتاز به المسلمون، ومن بين هذه المزايا الصدق في الحديث، والأمانة في المعاملة، وغض البصر، وضبط النفس،والحرص على الإخلاص لله تبارك وتعالى في كل التصرفات وفي كل الأعمال، وجعل هذا العمل الذي يعمله قربانا يتقرب به إلى الله عز وجل، مع الرحمة والشفقة فإن ذلك من صفات المؤمن، والله تعالى قد كتب الرحمة على كل شيء، ولذلك يؤمر المسلم أن يكون رحيما حتى في مقاتلته لعدوه، ( فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة )..."
وتحدث عن المشكلات المجتمعية التى تمارس فى المشافى نتيجة أخذ نظم الطب الكفرية عن الغير فقال :
"ثم يأتي العنصر السادس وهو: التغلب على بعض المشكلات المعاصرة
وهي:
- الإختلاط
- ضعف الجانب الديني
- الانعزال عن المجتمع
- الاغترار بمهنة الطب
أما مشكلة الاختلاط، فالتغلب عليها بتطبيق أوامر الله تبارك وتعالى، فإن الله عز وجل يقول: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أوآبائهن أوآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أوبني إخوانهن أوبني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أوالطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون * " فالتغلب على هذه المشكلات بالتخلق بهذه الآداب من الجنسين جميعا، من الذكور والإناث، بحيث يكون هنالك غض للبصر من قبل الذكور ومن قبل الإناث، ويكون أيضا هنالك احتشام، ومن بين هذا الاحتشام الاستتار الذي فرضه الله تبارك وتعالى على الإناث، مع تفادي كل المغريات التي تؤثر على النفوس لئلا تتورط وتقع في المحظور. وأهم شيء قبل كل شيء رسوخ الإيمان لأن الإيمان هو الذي يصوغ الإنسان، أما عندما يتزلزل الإيمان – والعياذ بالله – فإن تجاوز الحدود يكون أمرا هينا بالنسبة إلى من اضطرب إيمانه.
والانعزال وضعف الجانب الديني هذا يجبر بالتربية الدينية، بحيث ينشأ الإنسان على التربية الدينية، التربية من التعليم والثقافة، والتربية من الأخلاق والسلوك، فإذا وجدت هذه التربية فإنها تسد هذا الجانب."
قطعا مشكلة الاختلاط حلها فى تخريج طبيبات وممرضات وأطباء وممرضين وتقسيم المشافى لذكورية وأنثوية أو تخصيص أقسام للرجال فقط يعمل فيها الأطباء والممرضين والمرضى فيها رجال وأقسام للنساء فقط العاملات فيها طبيبات وممرضات والمرضى فيها نساء
وتحدث عن انعزال الأطباء عن الناس فقال :
"وأما الانعزال عن المجتمع فإن الطبيب يؤمر ألا يكون منعزلا عن مجتمعه، هو يحتك بمجتمعه من خلال ممارسة هذه المهنة، وهوعليه أيضا أن يحتك بمجتمعه من حيث أداءه للشعائر التعبدية، فإنه بصلاته مع المصلين وبمحافظته على الدعوة إلى الله تبارك وتعالى وتسخيره معارفه من أجل هذه الدعوة يقضي على هذا الانعزال ويتمكن من الانطلاق بمشيئة الله."
والحقيقة أنه لا يوجد مثل ذلك إلا نادرا وهم غالبا من يعملون على اجراء تجارب
وأما الاغترار بمهنة الطب فلا أحد مهما كان منهم يقدر على شفاء أحد فالعملية فى معظم الأحيان هى تخمينات منهم كثيرا ما تفشل وأحيانا أخرى تصح نظرا لوجود أمراض متعددة لها أعراض متشابهة وفيها قال :
"والأمر الأخير الاغترار بمهنة الطب. المؤمن الموصول بالله لا يغتر بشيء لأنه يدرك أن كل ما أوتيه إنما هولا يساوي شيئا بجانب ما في خزائن الله تبارك وتعالى التي وسعت السماوات والأرض. فما أوتيه الإنسان من علم، وما أوتيه من قوة ، وما أوتيه من وجاهة، وما أوتيه من أي شيء كان لا يساوي شيئا بجانب ما لم يؤته مما هو مختزن في خزائن السماوات والأرض، في خزائن الله تبارك وتعالى التي وسعت هذا الكون الواسع. وبجانب ذلك يتأمل الإنسان في جوانب الضعف فيه، ولا يغتر بجوانب القوة؛ نقاط الضعف هي كثيرة، قوة الإنسان لا تساوي شيئا بجانب الضعف الذي يحيط به من كل جانب، قوته إنما هي نقطة أوقطرة في بحر ضعفه، خبرته إنما هي أيضا قطرة في بحر جهله، غناه إنما هوقطرة في بحر فقره. على أن ذلك هومن عند الله سبحانه وتعالى، وهومطالب بشكره، وهذا الشكر يقتضي صرف هذه النعمة فيما خلقت من أجله، وإلا كان كفورا بها " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا "، والنعمة إن لم تشكر كانت وبالا على صاحبها."
وتحدث عن مثبتات الأطباء على الايمان فقال :
"المحور السابع: ما يجب أن يتزود به الطبيب المسلم لكي يحافظ على تمسكه بدينه
الطبيب المسلم عليه أولا أن يتزود العلم النافع الذي يعبد به ربه سبحانه وتعالى على بصيرة، ويعرف من خلاله ما عليه لربه تبارك وتعالى من الحقوق والواجبات، ويتمكن به من أداء اللوازم التي عليه، لا بد للطبيب أن يتزود بهذا الجانب من المعرفة. كذلك عليه أن يدرس الأخلاق لتتهذب أخلاقه، وذلك من خلال دراسته للقرآن الكريم ودراسته للسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، ودراسته لكتب الأخلاق التي تستمد من القرآن ومن السنة النبوية. وعليه بجانب ذلك أن يحتك بالصالحين لأن الاحتكاك يؤدي إلى التأثر في الأخلاق والفضائل، وعليه أن يحرص على التزود من المزيد من علم الطب نفسه لأن علم الطب يتطور باستمرار، والإنسان يكتشف في كل يوم شيئا جديدا، فعليه أن لا يقنع بما وصل إليه بل يكون كالعطشان الذي يلهث دائما بحيث لا يروى."
قطعا يوجد شىء واحد يثبت الإيمان وهى مشيئة افنسان وهو نفسه ما يجعله يكفر كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
والناس يكفرون وهم يقرئون كتاب الله فليست قراءته او عدم قراءته مؤدية لللإيمان ولكن إرادة الإنسان هى الفيصل فى العملية
وتحدث عن دور الطبيب فى إصلاح المجتمع فقال :
"المحور الثامن: دور الطبيب في إصلاح المجتمع:
الطبيب يحتك كما قلنا بمجتمعه من خلال لقائه بمرضاه، وبذلك يتمكن من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ فالكلمة الطيبة التي يقدمها إلى المريض تؤدي به إلى تفاعل هذا المريض معها. ومن المعلوم أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، والطبيب محسن إلى مريضه إن رعاه بحسن الرعاية، فهو قادر على التأثير عليه من خلال هذه الرعاية، ومن خلال التوجيهات؛ وعليه أن لا يحصر توجيهاته فيما يتعلق بجانب الصحة الجسدية فحسب بل بجانب ما يتعلق أيضا بالصحة الروحية، وذلك بالتوجيه إلى الحق والاستمساك بحبل الله تعالى، وشكر نعمة الصحة، وأن شكر نعمة الصحة يقتضي أن يسخرها الإنسان في طاعة الله تبارك وتعالى.
ومع هذا أيضا فإن الطبيب المسلم قادر على أن يؤثر على الأطباء من خلال تعامله معهم،ولا سيما الأطباء المسلمون، فهو قادر على إقناعهم بأن يتقوا الله تبارك وتعالى وأن يستمسكوا بأمره، وأن يبتعدوا عن محظوراته.
وهو قادر على الدعوة إلى الإسلام من خلال إقناعه لغير المسلمين بهذا الدين الحنيف، وذلك من خلال ما توصل إليه من المعلومات التي تدل على إعجاز كتاب الله سبحانه، والتي تدل على عظمة الحق تبارك وتعالى، فكل ذلك يمكن الطبيب المسلم من أداء رسالة الدعوة إلى الله بجانب أداء رسالة الطب."
قطعا الطبيب لا يمكن له أن يدعو إلى الإسلام من خلال التشخيص والعلاج إلا فى حالات مرضية معينة مثل
مريض بسبب الخمر والمخدرات ومريض بسبب الزنى
يعنى الأمر محدود وهو متعلق بأمراض ناتجة عن معاصى
صاحب البحث أو المحاضرة أحمد بن حمد الخليلي والمحاضرة عن دور الطبيب فى حياتنا المعاصرة وقد استهل الخليلى محاضرته بالتحدث عن مكانة مهنة الطب فى الإسلام فقال :
"الموضوع الأول هو مكانة مهنة الطب في الإسلام:
مهنة الطب في الإسلام مهنة ذات شأن عظيم وقدر جليل، ذلك لأن الإنسان وهو يضطلع بهذه الأمانة الكبرى، أمانة الخلافة في الأرض، لا بد له من أن يكون وهو في هذه الحياة يحرص على سلامته من أخطارها ؛ على أن حياة الإنسان حياة غير سليمة من الأخطار، وغير صافية من الأكدار..
طبعت على كدر وأنت تريدها................صفوا من الأقذار والأكدار
فالصحة يعتريها السقم، والقوة يعقبها الضعف، والغنى يهدده الفقر، والراحة يلح وراءها التعب، وهكذا شأن الحياة، فلذلك على الإنسان وهو يمخر عباب هذه الحياة أن يحرص قدر مستطاعه على تفادي الأخطار ومعالجة المشكلات وتحدي التحديات حتى يتغلب على مشكلات هذه الحياة.
ومن بين هذه المشكلات التي يغالبها المرء في هذه الحياة مشكلات السقم، ونحن نجد أن الطب ليس هو العلاج فحسب، بل أيضا هو الطب الوقائي، والإسلام جاء بالطب الوقائي، وتشريعاته كلها تصب في هذا المصب عندما تتعلق بهذا الجانب؛ فنجد أن الله تبارك وتعالى منع الإنسان من الإسراف الذي يؤدي به إلى الضرر في جسمه، أي الإسراف في المأكل والمشرب، فقد قال عز من قائل: " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين "، وهذا من الطب الوقائي، لأن الإسراف يؤدي إلى الضرر البالغ، والنبي (ص) يقول: ( ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولا محالة فثلث للطعام، وثلث للشراب وثلث للتنفس )، وهذا من الطب الوقائي في الإسلام.
على أن ما حرمه الله سبحانه وتعالى على الإنسان إنما هومن المضار، فكل محرم على الإنسان فيه مضرة، فالميتة والدم ولحم الخنزير كل منها ذو ضرر على الإنسان، فلذلك حرم عليه تعاطيه؛ والخمر أيضا مضارها لا تقف عند حد، ولا يزال الطب الحديث يكتشف مضار الخمر مع ما وقع فيه بعض الأطباء القدامى، ومن بينهم أطباء مسلمون من عثرات فيما يتعلق بجانب الخمر، إذ زعموا اغترارا بما قاله عشاقها من أنها ذات منافع تعود على الجسم، وقالوا من بينها بأنها تصفي الدم، وأنها تنضر الوجه، وأنها تساعد على الهضم، أكتشف بما لا شك فيه أن حقيقة الأمر على خلاف ذلك تماما، فهي سبب للإضرار بالدم والدورة الدموية، وسبب للإضرار بالشرايين، وسبب للإضرار بالكثير الكثير من طبيعة حياة الإنسان، وهي تؤدي أيضا إلى عسر الهضم، وتؤدي أيضا إلى أمراض الكبد، وتؤدي إلى أمراض القلب، وتؤدي إلى غير ذلك من الأمراض. وهذا على أي حال مما يدل على إعجاز كتاب الله، فإن ما يكون من قبل البشر من اجتهاد ونظر لا بد من أن يكون فيه الكثير من الخلل، وهذا واضح جدا وصدق الله: " ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ".
ونجد أن الإسلام الحنيف يحرم أيضا تحريما جازما أن يتناول الإنسان ما يؤدي به إلى قتل نفسه، فلذلك حرمت السموم كما حرم قتل النفس بأي وسيلة من الوسائل، والقرآن الكريم ينص على ذلك عندما يقول عز من قائل: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا* "؛ والحديث عن النبي (ص)ينص على أن ( من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من شاهق فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تناول سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)، كل ذلك يدل على ضرورة معرفة الإنسان بما يضره، وهذا يعني أن على الإنسان أن يعرف المضار من الأطعمة والأشربة وغيرها مما يتناوله، عليه أن يعرف المضار من كل ما يلج جوفه، ومن كل ما يتناوله للعلاج، سواء كان طعاما أو شرابا أو بطريق الاحتقان، أو بطريق التضميد، فإن ذلك كله مما يجب عليه أن يكون على بينة منه قبل أن يقدم عليه، ولا يمكن لأي أحد أن يكون خبيرا بهذه الأشياء كلها، فمن هنا تبدو ضرورة وجود أطباء مهرة، يعرفون ما يضر وما ينفع ليقوا مجتمعهم المضار من خلال التوعية.
هذا وبجانب هذا أيضا، فإن الإسلام يدعوا إلى الإنقاذ، أي أن ينقذ الإنسان غيره من الهلكة، وحياة الإنسان حياة ذات قيمة عظيمة، ومن أجل هذا كانت حياة الإنسان كحياة الجنس البشري إن أودى بها أحد أو إن أنقذها، فالله سبحانه وتعالى يقول: " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا "، ومعنى هذا أن الطبيب الذي يكون السبب لإحياء نفس بشرية وإنقاذها من الهلكة فهو كمن أحيا الناس جميعا، ولا يمكن لأي أحد أن يقوم بذلك، فإن غير العالم بالشيء قد يفسد من حيث يظن أنه يصلح، وقد يدمر من حيث يحسب أنه يعمر، وقد يقتل وهو يظن أنه يحيي، فإذن الضرورة داعية لمعرفة الطب والعلاج من أجل إنقاذ هذه النفوس التي جعل الله تبارك وتعالى لها هذه الحرمات."
والكلام السابق هو كلام صحيح فالطب يشمل الوقاية والعلاج فدور الأطباء ليس داخل المشافى فقط وإنما لهم دور تعليمى فى تعليم الناس سبل الوقاية من خلال وسائل الاعلام ولهم دور أخر فى رقابة كل ما يدخل الجسم من أغذية ومشروبات وحتى الكساء نفسه وحتى غير هذا قبل استعمال الإنسان له فمثلا لهم دور فى منع المبيدات والرش المتسبب فى فساد الثمار وغيرها ولهم دور فى منع الفلاحين من قطف الثمار قبل نضجها ولهم دور فى منع مرضى الأوبئة من الدخول داخل البلاد لمنع نشر الوباء
والمأخوذ على كلام الرجل هو الاستشهاد بأحاديث لم يقلها النبى(ص) كتعذيب بالسم وخلق جبل له لينتحر من عليه فى النار وهو كلام ليس موجودا فالسم والسلاح كالمسدسات والسكاكين وحبوب المنومات وغيرها لا وجود لها فى الآخرة لأنهم كما قال تعالى " وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم "
والخطأ فى الحديث أن المنتحرين كلهم يدخلون النار وهو ما يخالف أن بعضهم لا يدخلون النار لأن نيته من الإنتحار نية حسنة أو أنه تاب قبل أن يموت ومن تاب تاب الله عليه لقوله تعالى بسورة النساء "ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم "والخطأ الأخر هو أن وسيلة تعذيب قاتل نفسه هى وسيلة قتله لنفسه ولم يرد فى القرآن أى شىء عن هذا ،زد على هذا أن المنتحر بالحبوب المنومة لا يمكن أن يحدث فى النار لعدم وجود النوم فيها لعدم وجود الموت المؤقت أو غيره فيها مصداق لقوله تعالى بسورة الأعلى "ثم لا يموت فيها ولا يحيى "
وتحدث عن أن كل مرض له دواء معروف أو غير معروف فقال :
"وبما أن الإسلام دين الفطرة، كان التجاوب مع متطلبات هذه الفطرة تجاوبا ذا انسجام معها، فهو ينسجم مع الفطرة في كل متطلباتها، ومن أجل هذا جاء الحض على التداوي لأجل أن ينقذ الإنسان نفسه من الهلكة، فالنبي (ص) يقول: ( تداووا عباد الله، فإن الذي خلق الداء خلق الدواء، ولكل داء دواء إلا السام ) أي الموت؛ وهذا من إعجاز النبوة، فالنبي (ص) يخبر أن لكل داء دواء إلا الموت، فإن الموت فريضة على الكل " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة " فلا يمكن أن يدفع الموت شيء، ولكن الأمراض على اختلافها خلق الله تبارك وتعالى لها دواء، سواء كان الناس على علم بهذا الدواء أولم يكونوا على علم به، ونحن نرى أن الناس تمر بهم مراحل وهم يكتشفون أمراضا وعلل لا يعرفون لها دواء، إلا أن في طيات مخلوقات الله سبحانه وتعالى أدوية تكتشف ولو بعد حين، فأمراض السرطان مثلا من العسير علاجها، ولكن يكتشف لها دواء بين حين وآخر على اختلاف أنواعها. كذلك الآن من الأمور الشاغلة لبال الكثير من الناس ما يسمى بمرض فقدان المناعة المكتسبة، وهذا المرض لا بد من أن يكون له دواء، والأطباء يسعون لاكتشاف علاجه؛ والحديث يدل على أن كل علة من العلل يصاب بها البشر لا بد من أن يكون لها دواء، فعلى أي حال العلاج مطلوب، والحديث يحض على العلاج، والعلماء وإن حملوا هذا الأمر على الإباحة ،إلا أنه فيما يبدوا ينبغي أن يحمل على الندب وذلك لما في هذا العلاج من نعمة الله تبارك وتعالى على العباد، إذ يتقوى الإنسان على طاعة الله تبارك وتعالى وحسن عبادته عندما يكون صحيح الجسم، والحديث النبوي الشريف يقول: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف )، وهي قرينة تقتضي أن يصرف هذا الأمر إلى الندب على الأقل.
على أن من الفقهاء من قال إنه للوجوب، وهؤلاء كانوا قلة، إلا أنه ينبغي أن يقال أن إهمال الإنسان علاج نفسه إن كان مظنة لأن يفضي به إلى الهلكة، فإن التهلكة ممنوعة في الإسلام، فالله تعالى يقول: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة "، فيتأيد هذا القول، وهو القول بوجوب تعاطي العلاج، عندما يكون الإنسان خائفا من الهلكة والنبي (ص) بنفسه تعالج، ومن ضمن علاجه الحجامة التي احتجمها (ص). على أن إهمال العلاج لوكان خيرا لكان أولى به الرسول (ص)، فهو بنفسه عني بالعلاج، وهو بنفسه أيضا حث على العلاج، فكفى ذلك دليلا أيضا على أن العلاج مطلوب."
وتحدث عن أن دراسة الطب فيها جانب روحى وبالأحرى جانب معرفى يؤدى بالأطباء أو القراء لتثبيت إيمانهم بوجود الله وصحة دينه فقال :
"وبجانب ما من ذكرناه من هذه المنافع التي قد تبدو منافع مادية من حيث مظهرها، وهي كما ذكرنا أيضا منافع دينية من حيث النظر إلى جوهرها وإلى حقيقتها، لعلم الطب فإن فيه منافع روحانية، إذ الإنسان مطالب بأن يعتبر بخلقه، هو مطالب بأن يفكر مليا في خلقه؛ وجسم الإنسان دواوين ضخمة فيها من آيات الله تبارك وتعالى ما لا يقع في حسبان أحد على أن كل خلية من خلايا الإنسان دراستها تحتاج إلى الكثير الكثير، لعلها تحتاج إلى مجلدات، دراسة خلية من خلايا الإنسان تحتاج إلى الكثير مما يكتب، لعلها تحتاج إلى مجلدات، ونحن نترك الحديث لأهل الطب أنفسهم لأن يتحدثوا عن هذا؛ وقد تأملنا كتاب الله فوجدناه يدعونا إلى النظر في خلقنا، فالله سبحانه وتعالى يقول: " وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون * ". والله تعالى يقول: " فينظر الإنسان مم خلق * خلق من ماء دافق * يخرج من بين الصلب والترائب * إنه على رجعه لقادر * "، ويقول: " قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره * ".
والتأمل في هذه الآيات الكونية في خلق الإنسان يؤدي إلى رسوخ الإيمان، وقوة اليقين، وزوال الشكوك واللبس، ومتانة الصلة بالله تبارك وتعالى، ونحن على أي حال نجد مما نقرأه – وإن كان نزرا يسيرا – ما كتبه الأطباء عن خلق الإنسان، نجد في ذلك العجب العجاب، ولعل دراسة جوانب يسيرة من هذه المعلومات تؤدي بالكافر إلى أن يؤمن، وتؤدي بالشاك إلى أن يوقن، وتؤدي بالملحد إلى أن يتبدد إلحاده."
وتحدث الخليلى عن علاقته بموريس بوكاى من خلال الملتقيات والقراءة فقال :
"ومن الأمور التي تؤكد هذا قصة الدكتور موريس بوكاي، وأنا لا أعرف الآن حياته من مماته، لأنني لم ألتق به إلا مرة واحدة قبل واحد وعشرين عاما، قبل أن يعلن إسلامه، ولعله سئل في ذلك الوقت عن دينه هل هو مسلم أو غير مسلم فقال: دعوني وعلاقتي بربي، وإنما علي أن أخدم الإسلام من خلال هذه البحوث.
الدكتور موريس بوكاي كان طبيبا جراحا، وهو فرنسي، وبحكم علاقة الكثير من العرب بفرنسا بسبب الاستعمار الفرنسي وكونهم يتحدثون باللغة الفرنسية، كان الكثير من هؤلاء يذهبون للعلاج إلى فرنسا، وكانت له علاقة بكثير منهم، وقد شد انتباهه ما يراه من الفارق بين المسلم وغير المسلم؛ عندما يقدم المسلم على عملية جراحية يكون وضعه مختلفا عن وضع غير المسلم، فالمسلم يقدم على العملية الجراحية برباطة جأش وبقوة يقين، مع ثلوج صدره وانشراحه، فسأل عن هذا السر، فأخبر أن سر ذلك الإيمان، وأراد أن يكتشف هذا الإيمان، ومن حيث إن علاقته بالمرضى العرب علاقة وطيدة، وكثير منهم لم يكونوا يحسنون اللغة الفرنسية التي يتحدث بها أراد دراسة العربية، وكان أولا يريد أن يدرس المعلقات السبع، ولكن رأى بدلا من ذلك أن يدرس القرآن الكريم، فعني بدراسة القرآن الكريم، وعندما جاء إلى سورة المؤمنون إلى قول الله سبحانه وتعالى فيها: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * " استوقفته هذه الآية كثيرا، ورأى أن هذا الحديث لا يمكن أن يكون صادرا عن أحد من البشر في تلكم الحقبة التأريخية التي لم يكن فيها الطب بهذا القدر من الاكتشاف لأسرار الحمل، وطبيعة الخلق، وأغوار الأرحام. رأى من العجب ما شده إلى المزيد من البحث، ذلك لأن هذه الأطوار الموجودة في هذه الآية الكريمة لم تكن معروفة تمام المعرفة عند الناس في تلكم الأحقاب التأريخية الغابرة، ومع هذا كله جاءت صريحة.
على أنه مما شده أيضا ما يدل عليه القرآن الكريم، ما تدل عليه الآية من طبيعة الرحم، فقد وصفه الله تبارك وتعالى بأنه قرار، والقرار هو مكان الاستقرار، والاستقرار إنما يكون عن طمأنينة، ومع ذلك وصف هذا القرار بأنه مكين، والمكانة تدل على القوة، وطبيعة الرحم هذا أقصى ما يمكن أن توصف به، لأن الرحم يكتنف بما يقي الجنين ما يصيب الأم من اللكمات والهزات، فهو مكان الاستقرار، وعلى بابه إفرازات تقضي على الجراثيم التي تحاول أن تتسرب إلى الجنين لتفتك به، وهذه الإفرازات بمثابة الجنود القائمين على ثغور الحصون من أجل صد هجمات الأعداء عنه. فإذن الرحم بمثابة الحصن الحصين بطبيعته التي خلقه الله عليها، وهذه الإفرازات بمثابة هؤلاء الجنود الأبطال الذين يحرصون بعيون ساهرة هذه الثغور لئلا تصل إلى من بداخل الحصن فتفتك به.
ووجد أيضا مما يدعو إلى الاعتبار أن الله تبارك وتعالى يقول: " فكسونا العظام لحما " بفاء الترتيب، وهذا الذي دل عليه الطب، وأن خلايا العظام سابقة على خلايا اللحم، ثم بعد ذلك يأتي اللحم بمثابة الكسوة لهذه العظام. وكذلك استوقفه قول الله تبارك وتعالى " علقة "، و" مضغة " ، وما هو الفارق بينهما؟ فما هي العقلة؟ وما هي المضغة؟ ورجع إلى كتب التفسير ليجد ما يشفي غليله فلم يجد، ولكنه برجوعه إلى كتب اللغة ونظره في اشتقاق هاتين الكلمتين وجد ما يدله على سر هذا التعبير القرآني الذي هومن دلائل إعجاز القرآن الكريم؛ فإن العلقة مشتقة من العلوق، وهذه المرحلة يعلق فيها هذا الكائن بجدار الرحم لانفتاح باب الرحم، ثم ينسد بعد ذلك الباب، ويؤمن الخروج، ويكون هذا الكائن بمثابة المضغة، أي الشيء الذي يمضغ ويتردد بين جوانب الفم، فزاده ذلك إعجابا بما اطلع عليه، ودعاه ذلك إلى المزيد من البحث، فكان يرى الآيات الكونية في القرآن الكريم تدل دلالة واضحة على ما توصل إليه الإنسان من الاكتشاف، ولعل كل اكتشاف إنما هو تفسير لكتاب الله سبحانه وتعالى.
ثم استعان بعد ذلك بذوي الخبرات الأخرى، كعلماء النباتات وعلماء الفلك وغيرهم، وعرض عليهم ما وجده في كتاب الله، فوجد حقيقة القرآن تتجلى فيما اكتشف من هذه العلوم بأسرها. ثم حاول أن يقارن بين القرآن وبين الكتابين اللذين سبقاه في النزول، فوجد أن النصوص التي تدل على حقائق الكائنات في الكتابين السابقين قليلة، ومع قلتها تصطدم بالواقع، ويدل الواقع على تحريفها، والقرآن الكريم مع كثرة نصوصه التي تدل على هذه الاكتشافات هي عين الواقع، ولا تختلف عن الواقع؛ فوصل إلى نتيجة وهي أن الكتاب الوحيد الذي بقي كما أنزل لم تطله يد التحريف والتبديل إنما هو القرآن الكريم، وألف في هذا كتابا سماه: ( العلم في التوراة والإنجيل والقرآن )، وكان ذلك قبل عقود من السنين من وقتنا هذا، ألف هذا الكتاب باللغة الفرنسية، ثم ترجم إلى الإنجليزية، ثم ترجم ترجمتين – على ما أحسب – إلى العربية، وقد كان منذ نحو عقدين من السنين موجودا عندي، ولكنه ضاع لم أعرف عنه أين ذهب."
والخطأ فى الكلام هو القول بسبق خلايا العظام لخلايا اللحم وهو ما يتناقض أن المرحلة السابقة هى المضغة وهى اللحم الممضوغ كما يقولون وهى على نوعين مخلقة أى متطورة حيث يتحول اللحم إلى عظام وغير مخلقة أى غير متحولة وهى اللحم الذى يبقى لحم فى صورة أعضاء وعضلات وغضاريف وجلد وفى هذا قال تعالى :
ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَ
وعندما اجتمعنا في مطلع القرن الهجري الذي نحن فيه في الجزائر، في الملتقى الخامس عشر للفكر الإسلامي، وكنا في يوم من الأيام على طاولة واحدة نتناول الطعام، ففرغت زجاجة ما؛ لما فرغت الزجاجة تناول الزجاجة وضرب بها الطاولة ليأتي من يقدم الماء فيقدم زجاجة أخرى، وقال على إثر ذلك: " وجعلنا من الماء كل شيء حي ". ثم قال: في هذه الآية من الإعجاز ما تحار به العقول. ثم سألني بعد ذلك: هل اطلعت على كتابي ( الإنسان والقرآن )؟ فقلت له: لا. وبعد فترة رجعت واطلعت على مجلة الأمة، التي كانت تصدر من قطر، وأظنها لا تزال تصدر، هي مجلة دورية، فوجدت فيها استعراضا لهذا الكتاب، وجدت فيها كثيرا مما كتبه في هذه الآية الكريمة، ومن الإعجاز العجيب إعجاز هذه الآية الكريمة.
فالطبيب المسلم إذن عندما يطلع على هذه الحقائق يزداد إيمانه قبل كل شيء رسوخا، ويقينه ثباتا، ثم تكون عنده وسيلة للدعوة إلى الله تبارك وتعالى من خلال هذا الذي اطلع عليه. والرجل بعد هذه الفترة اطلعت في بعض الصحف على إعلانه الإسلام، وأنه أعلن أنه رضي بالإسلام دينا، وبمحمد (ص)رسولا، وبالله تبارك وتعالى ربا، فزالت الشكوك من حوله.
هذا عن العنصر الأول، ونظرا إلى ضيق الوقت حسبما يتبين أحاول أن أختصر في بقية العناصر."
وتحدث عن العنصر الثانى مركزا على أسماه الطب النبوى فالنبى(ص) لم يكن طبيبا جسديا ولا الوحى نزل عليه بالطب وإنما نزل عليه بأحكام التعاملات فقال :
"العنصر الثاني: عن الأطباء المسلمين وما ساهموا به في مجال الطب.
نحن نرى أولا وقبل كل شيء أن رأس الأطباء إنما هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأحاديث النبوية حافلة بالطب النبوي، وفيها من الإعجاز العجب العجاب. حديث الذبابة تنكر له من تنكر ولكن تجلى بعد ذلك أن الحديث معجز، وقد شرح إعجازه نقلا عما قاله الأطباء الأستاذ سعيد حوى في كتابه ( الرسول (ص)). وكذلك نجد أن الحديث النبوي الشريف يدل على أن الحمى من فيح جهنم، وأن علاجها بإبرادها بالماء، وهذا مما وقعت فيه بنفسي، فقد مرت علي فترة أصبت فيها بحمى شديدة، وكنت أحس ببرد شديد، ولما دخل علي الطبيب بدلا من أن يوافق على أن أبقى تحت الدثار أزال الدثار عني، وجاء بالماء البارد وصبه علي، فكان في ذلك علاجا لهذه الحمى، وأيقنت إعجاز هذا الحديث الشريف، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي تدل على أن النبي (ص)كان على رأس الأطباء. على أن هذه المهارة الطبية لم تكن بدراسة عند أطباء، ولم تكن أيضا بممارسة، إذ لم يكن النبي (ص) بنفسه يمارس المهنة الطبية، وإنما ذلك بإعلام الله تبارك وتعالى إياه " إن هو الا وحي يوحى * علمه شديد القوى * ".
وعلى أي حال نحن نرى لو أن المسلمين وقفوا عند إرشاد الأحاديث النبوية إلى الأمور الطبية لكان في ذلك قطعوا شوطا بعيدا، ولكن كما ذكرنا اغتروا ببعض ما قاله الأطباء الآخرون، فلذلك سرى إلى كتبهم ما سرى من الأوهام، وأثر ذلك حتى على كتابات المفسرين كما ذكروه في تفسير سورة البقرة في تفسير قول الله تبارك وتعالى: " ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " فقالوا بأن المنافع هي هذه المنافع المذكورة، مع أن ما ذكر ليس بمنفعة قط، وإنما كانت المنافع منافع مادية بحتة، وهي ضرر أكثر منها منفعة، فلذلك ألغاها الإسلام ولم يعتبرها. "
قطعا معظم ما ينسب للنبى (ص) من أقوال فى الطب هو كذب عليه فحديث كون الحمى من فيخ جهنم كذب لتعارضه مع كتاب الله والخطأ فيه أن الحمى من النار ويخالف هذا أن الحمى فى الدنيا وأما النار ففى الغيب فكيف يكون شىء غيبى فى عالم الشهادة أليس هذا جنونا ؟
كما أن الحمى لو كانت من النار لكانت نار الحر فى الدنيا تساوى حر نار جهنم ولكن الحادث هو أن نار جهنم أشد حرا وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "وقالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون"
وحديث الذبابة لا يمكن اثباته تجريبيا ففى تجارب متعددة لى مع الشاى الذى يسقط فيه الذباب مرات أصبت بمغص وإسهال ومرات لم أصب بشىء ومن ثم يجب استبعاد هذا الطب المنسوب كذبا إلى النبى(ص) ولو صح بعض منه فهو نتيجة الطب الشعبى السائد فى بيئته كما الحال مع الطب البدوى الحالى وغيره
وتحدث عن كتب طبية وأطباء فقال :
"ومع هذا فإن للمسلمين إسهاما في علم الطب، وحسبنا أن ( القانون ) لابن سينا كان إلى عهد قريب مرجعا للأطباء في أوروبا ، وكذلك ما كتبه الفخر الرازي، وما كتبه ابن رشد، وما كتبه غيرهم من الأطباء.
ونحن عندما ننظر أيضا إلى التأريخ العماني نجد أن هنا الكثير من الأطباء المهرة، وحسبنا عندما ننظر إلى الأطباء من أسرة ابن هاشم، فقد تسلسل فيهم الطب جيلا بعد جيل، ودام الطب في هذه الأسرة أكثر من قرنين من الزمن، كان فيهم الأطباء المهرة. ومن العجيب أنه في تلكم المرحلة المبكرة استطاعوا أن يشخصوا كثيرا من طبيعة العين الغامضة، فرسموا العين، ووضحوا كيف علاقة شؤون العين بالجسم توضيحا عجيبا، كان ذلك في مرحلة مبكرة؛ وأحدهم قام بعملية لأحد من الناس نطحه ثور فأخرج أمعاءه، فرد الطبيب هذه الأمعاء إلى باطنه وشك جلده وعادت كما كانت وعادت الصحة إليه. وكان لهم اتصال بأطباء فارس في ذلك الوقت، كانوا يراسلون أطباء فارس ويتبادلون بينهم المعلومات."
وتحدث عن أهمية وجود الطبيبة المسلم والطبيبة المسلمة فى مجتمعاتهم حفاظ على عورات المسلمين واسرار بيوتهم فقال :
"العنصر الثالث: أهمية وجود الطبيب والطبيبة المسلم والمسلمة
أي أهمية وجود الطبيب المسلم والطبيبة المسلمة
نعم..المسلم لا يطمئن إلى أحد طمأنينته إلى من شاركه في العقيدة، ووثق بدينه وأمانته، ولربما قال الطبيب المسلم: ما بك من مرض يقتضي أن تستمر على الإفطار ولا تصوم شهر رمضان...وهنا عندما يتمكن من مراجعة الطبيب المسلم الذي يثق بدينه وأمانته لا ريب أن إقدامه على ذلك يكون إقداما على بينة من الأمر وبصيرة، فلذلك كانت الضرورة داعية إلى الطبيب المسلم. أما بالنسبة إلى الطبيبة المسلمة فإن المرأة يجب أن تصون نفسها، والنص القرآني يأمر المرأة أن لا تبدي زينتها إلا لطائفة من الرجال، ثم بعد ذلك قال: " أو نسائهن " أي النساء المؤمنات؛ ومعنى ذلك أن المرأة عليها أن تستر نفسها عند غير المسلمة، أو عند الفاسقة ولو كانت منتسبة إلى الإسلام، لعدم أمن غير المسلمة والفاسقة من المسلمات أن تحدث بما تخبئه المرأة ولا تحب أن يتحدث عنه من محاسنها، فلذلك كان صون المرأة أمرا ضروريا، ومن هنا تأتي ضرورة وجود الطبيبات المسلمات اللواتي يقمن بالاكتشاف على أمراض النساء ويعالجن النساء."
وفى العنصر التالى تحدث عن أن دراسة الطب تثبت الإيمان بالله ولا تؤدى للإلحاد فقال :
"والعنصر الرابع: أن دراسة الطب لا تتعارض مع الدين الإسلامي..
وكيف تتعارض دراسة الطب مع الدين، مع أن الدين هو الذي يحث على العلاج ويأمر به، وهذه الدراسة تؤدي إلى قوة هذا الدين ورسوخه، ورسوخ معتقداته في النفس؟! فكيف مع هذا يقال بأن هذه الدراسة تتصادم مع الدين؟!
لا ريب أن هذه الدراسة تقوي جانب الدين. على أن المؤمن القوي كما ذكرنا حسبما جاء في الحديث الشريف خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والقوة كما تكون قوة مادية تكون أيضا قوة معنوية، فالخبير لا ريب أنه قوي، العالم بالشيء هو اقوى من الجاهل به، فالطبيب العالم هو اقوى ممن يجهل الطب، فإذن هو خير وأحب إلى الله ممن يجهل الطب من هذه الناحية. على أن الأمة المسلمة مطالبة بأن تكون أمة مستقلة في شؤونها، عليها أن تسعى إلى استقلالها حتى لا تفتقر إلى غيرها في شيء، ومنهج الرسول (ص)في تربية الأمة دل على ذلك؛ فهو عندما هاجر إلى المدينة المنورة وكانت الناحية الاقتصادية في أيدي اليهود، حرص على أن تكون للمسلمين سوق، وأن تكون تجارة مستقلة للمسلمين حتى لا يقعوا تحت تأثير اليهود. وهكذا كل مجال من المجالات ينبغي للمسلمين أن يكونوا مستقلين فيه لا يحتاجون إلى عدوهم، ومن بين هذه المجالات التي يفرض فيها الاستقلال لهذه الأمة الطب، فكم هي منفعة الأمة عندما يكون فيها الأطباء المهرة، وعندما يكونون غير محتاجين إلى مهارة غيرهم في الطب! مع ما ذكرناه من أن الطب قربة إلى الله تبارك وتعالى، لأن الطبيب المسلم الذي هوموصول بالله تعالى بحبل الإيمان يحرص دائما أن تكون أعماله قربة إلى الله، ومن بين هذه الأعمال ما يقوم به من علاج، فهو عبادة يتقرب بها إلى الله ينوي به طاعة أمره، والله تبارك وتعالى يقول: " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا "، جعل للنفس البشرية هذه الحرمات العظيمة بحيث يكون من أحياها كمن أحيا الناس جميعا، أوليس ذلك دليلا على عظم شأن الطب، ورفعة قدر الطبيب وعظم أجره الذي يناله من الله سبحانه وتعالى عندما يخلص لله تعالى عمله، وينضبط عمله بضوابط الشريعة الإسلامية بحيث لا يتجاوز حدود الله؟!"
وتحدث عن أن الطبيب المسلم نتيجة أحكام دينه يتمتع بمميزات ليست فى غيره فقال :
"العنصر الخامس: صفات الطبيب المسلم وما يميزه عن غير المسلمين..
نعم..الطبيب المسلم يمتاز بما يجب أن يمتاز به المسلمون، ومن بين هذه المزايا الصدق في الحديث، والأمانة في المعاملة، وغض البصر، وضبط النفس،والحرص على الإخلاص لله تبارك وتعالى في كل التصرفات وفي كل الأعمال، وجعل هذا العمل الذي يعمله قربانا يتقرب به إلى الله عز وجل، مع الرحمة والشفقة فإن ذلك من صفات المؤمن، والله تعالى قد كتب الرحمة على كل شيء، ولذلك يؤمر المسلم أن يكون رحيما حتى في مقاتلته لعدوه، ( فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة )..."
وتحدث عن المشكلات المجتمعية التى تمارس فى المشافى نتيجة أخذ نظم الطب الكفرية عن الغير فقال :
"ثم يأتي العنصر السادس وهو: التغلب على بعض المشكلات المعاصرة
وهي:
- الإختلاط
- ضعف الجانب الديني
- الانعزال عن المجتمع
- الاغترار بمهنة الطب
أما مشكلة الاختلاط، فالتغلب عليها بتطبيق أوامر الله تبارك وتعالى، فإن الله عز وجل يقول: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أوآبائهن أوآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أوبني إخوانهن أوبني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أوالطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون * " فالتغلب على هذه المشكلات بالتخلق بهذه الآداب من الجنسين جميعا، من الذكور والإناث، بحيث يكون هنالك غض للبصر من قبل الذكور ومن قبل الإناث، ويكون أيضا هنالك احتشام، ومن بين هذا الاحتشام الاستتار الذي فرضه الله تبارك وتعالى على الإناث، مع تفادي كل المغريات التي تؤثر على النفوس لئلا تتورط وتقع في المحظور. وأهم شيء قبل كل شيء رسوخ الإيمان لأن الإيمان هو الذي يصوغ الإنسان، أما عندما يتزلزل الإيمان – والعياذ بالله – فإن تجاوز الحدود يكون أمرا هينا بالنسبة إلى من اضطرب إيمانه.
والانعزال وضعف الجانب الديني هذا يجبر بالتربية الدينية، بحيث ينشأ الإنسان على التربية الدينية، التربية من التعليم والثقافة، والتربية من الأخلاق والسلوك، فإذا وجدت هذه التربية فإنها تسد هذا الجانب."
قطعا مشكلة الاختلاط حلها فى تخريج طبيبات وممرضات وأطباء وممرضين وتقسيم المشافى لذكورية وأنثوية أو تخصيص أقسام للرجال فقط يعمل فيها الأطباء والممرضين والمرضى فيها رجال وأقسام للنساء فقط العاملات فيها طبيبات وممرضات والمرضى فيها نساء
وتحدث عن انعزال الأطباء عن الناس فقال :
"وأما الانعزال عن المجتمع فإن الطبيب يؤمر ألا يكون منعزلا عن مجتمعه، هو يحتك بمجتمعه من خلال ممارسة هذه المهنة، وهوعليه أيضا أن يحتك بمجتمعه من حيث أداءه للشعائر التعبدية، فإنه بصلاته مع المصلين وبمحافظته على الدعوة إلى الله تبارك وتعالى وتسخيره معارفه من أجل هذه الدعوة يقضي على هذا الانعزال ويتمكن من الانطلاق بمشيئة الله."
والحقيقة أنه لا يوجد مثل ذلك إلا نادرا وهم غالبا من يعملون على اجراء تجارب
وأما الاغترار بمهنة الطب فلا أحد مهما كان منهم يقدر على شفاء أحد فالعملية فى معظم الأحيان هى تخمينات منهم كثيرا ما تفشل وأحيانا أخرى تصح نظرا لوجود أمراض متعددة لها أعراض متشابهة وفيها قال :
"والأمر الأخير الاغترار بمهنة الطب. المؤمن الموصول بالله لا يغتر بشيء لأنه يدرك أن كل ما أوتيه إنما هولا يساوي شيئا بجانب ما في خزائن الله تبارك وتعالى التي وسعت السماوات والأرض. فما أوتيه الإنسان من علم، وما أوتيه من قوة ، وما أوتيه من وجاهة، وما أوتيه من أي شيء كان لا يساوي شيئا بجانب ما لم يؤته مما هو مختزن في خزائن السماوات والأرض، في خزائن الله تبارك وتعالى التي وسعت هذا الكون الواسع. وبجانب ذلك يتأمل الإنسان في جوانب الضعف فيه، ولا يغتر بجوانب القوة؛ نقاط الضعف هي كثيرة، قوة الإنسان لا تساوي شيئا بجانب الضعف الذي يحيط به من كل جانب، قوته إنما هي نقطة أوقطرة في بحر ضعفه، خبرته إنما هي أيضا قطرة في بحر جهله، غناه إنما هوقطرة في بحر فقره. على أن ذلك هومن عند الله سبحانه وتعالى، وهومطالب بشكره، وهذا الشكر يقتضي صرف هذه النعمة فيما خلقت من أجله، وإلا كان كفورا بها " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا "، والنعمة إن لم تشكر كانت وبالا على صاحبها."
وتحدث عن مثبتات الأطباء على الايمان فقال :
"المحور السابع: ما يجب أن يتزود به الطبيب المسلم لكي يحافظ على تمسكه بدينه
الطبيب المسلم عليه أولا أن يتزود العلم النافع الذي يعبد به ربه سبحانه وتعالى على بصيرة، ويعرف من خلاله ما عليه لربه تبارك وتعالى من الحقوق والواجبات، ويتمكن به من أداء اللوازم التي عليه، لا بد للطبيب أن يتزود بهذا الجانب من المعرفة. كذلك عليه أن يدرس الأخلاق لتتهذب أخلاقه، وذلك من خلال دراسته للقرآن الكريم ودراسته للسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، ودراسته لكتب الأخلاق التي تستمد من القرآن ومن السنة النبوية. وعليه بجانب ذلك أن يحتك بالصالحين لأن الاحتكاك يؤدي إلى التأثر في الأخلاق والفضائل، وعليه أن يحرص على التزود من المزيد من علم الطب نفسه لأن علم الطب يتطور باستمرار، والإنسان يكتشف في كل يوم شيئا جديدا، فعليه أن لا يقنع بما وصل إليه بل يكون كالعطشان الذي يلهث دائما بحيث لا يروى."
قطعا يوجد شىء واحد يثبت الإيمان وهى مشيئة افنسان وهو نفسه ما يجعله يكفر كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
والناس يكفرون وهم يقرئون كتاب الله فليست قراءته او عدم قراءته مؤدية لللإيمان ولكن إرادة الإنسان هى الفيصل فى العملية
وتحدث عن دور الطبيب فى إصلاح المجتمع فقال :
"المحور الثامن: دور الطبيب في إصلاح المجتمع:
الطبيب يحتك كما قلنا بمجتمعه من خلال لقائه بمرضاه، وبذلك يتمكن من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ فالكلمة الطيبة التي يقدمها إلى المريض تؤدي به إلى تفاعل هذا المريض معها. ومن المعلوم أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، والطبيب محسن إلى مريضه إن رعاه بحسن الرعاية، فهو قادر على التأثير عليه من خلال هذه الرعاية، ومن خلال التوجيهات؛ وعليه أن لا يحصر توجيهاته فيما يتعلق بجانب الصحة الجسدية فحسب بل بجانب ما يتعلق أيضا بالصحة الروحية، وذلك بالتوجيه إلى الحق والاستمساك بحبل الله تعالى، وشكر نعمة الصحة، وأن شكر نعمة الصحة يقتضي أن يسخرها الإنسان في طاعة الله تبارك وتعالى.
ومع هذا أيضا فإن الطبيب المسلم قادر على أن يؤثر على الأطباء من خلال تعامله معهم،ولا سيما الأطباء المسلمون، فهو قادر على إقناعهم بأن يتقوا الله تبارك وتعالى وأن يستمسكوا بأمره، وأن يبتعدوا عن محظوراته.
وهو قادر على الدعوة إلى الإسلام من خلال إقناعه لغير المسلمين بهذا الدين الحنيف، وذلك من خلال ما توصل إليه من المعلومات التي تدل على إعجاز كتاب الله سبحانه، والتي تدل على عظمة الحق تبارك وتعالى، فكل ذلك يمكن الطبيب المسلم من أداء رسالة الدعوة إلى الله بجانب أداء رسالة الطب."
قطعا الطبيب لا يمكن له أن يدعو إلى الإسلام من خلال التشخيص والعلاج إلا فى حالات مرضية معينة مثل
مريض بسبب الخمر والمخدرات ومريض بسبب الزنى
يعنى الأمر محدود وهو متعلق بأمراض ناتجة عن معاصى
المصدر: منتديات فنان سات
k/vhj tn fpe hg'fdf hglsgl ,hgjp]dhj hgluhwvm
..الموضوع الأصلي