أما بعد:
أيها المسلمون عباد الله، عند حلول النكبات، وتوالي الأزمات، وتزايُد المدلهمات، يتجلَّى لُطْف الله بأهل الإيمان ورعايته لأهل الإحسان، بالتخفيف عنهم وحفظهم من السوء، وتجنيبهم ما حلَّ بغيرهم، والتحلِّي بالصبر والرِّضا بقدر الله عند الشدائد، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: ((عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)).
إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ﴾ [يوسف: 100]، قال: يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها، ومن رحمته سبحانه أنه جعل لنا عبادات جاءتِ النصوصُ بأنها تدفَعُ البلاء؛ عَلَّمنا إيَّاها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه
العبادات:
التضرُّع والدعاء يَدْفَعُ البلاء:
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، يقول الحسن: وَمِفْتَاحُ السَّمَاءِ الدُّعَاءُ.
فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ﴾ [الأنعام: 43].
وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17].
ومن عجائب قوة تأثير الدعاء، أن عنوان الفساد يأجوج ومأجوج عند خروجهم في آخر الزمان، يحاصرون عيسى عليه السلام وأصحابه في جبل الطور ببيت المقدس، فيرغبون إلى الله بالدعاء، فيرسل الله عليهم نوعًا من الديدان يُسمَّى النغف، فيصبحون قتلى كموت نفس واحدة، ثم يرغبون إلى الله برفع زهمهم ونتنهم، فيرسل الله طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله؛ والحديث في صحيح مسلم.
ومن الأدعية والتحصينات دعوةُ ذي النُّون؛ يقول النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((دعوةُ ذي النُّون إِذْ دَعا بها وهو في بَطْنِ الحُوتِ؛ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمينَ؛ لَم يَـدْعُ بها رجلٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجابَ اللهُ له))؛ [أخرجه أحمد والترمذي].
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].
ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة؛ ما أخرجه أبو داود في سننه، وصحَّحه الألباني، عن عثمان رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيءٌ في الأَرْضِ وَلا في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لم يَضُرَّهُ شَيْءٌ)).
ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة النبوية أيضًا التي تقيك الأسقام والآفات؛ أن تقول: "أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّاتِ من شرِّ ما خلق"؛ لما ثبت في صحيح الترغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن قال حين يُمسي ثلاث مرات: أعوذ بكلماتِ الله التامَّاتِ من شر ما خلق؛ لم تَضُرَّهُ حُمَةٌ تلك الليلة)).
ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة النبوية أيضًا، ما أخرجه ابن السُّنِّي في عمل اليوم والليلة، وصححه شعيب الأرناؤوط، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، كَفَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)).
ومن الأدعية المهمة الواقية الجامعة التي لم يكن صلى الله عليه وسلم يدعها حين يُمسي وحين يُصبح: ((اللهُمَّ إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ، اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استرْ عوراتي وآمنْ روعاتي، اللهم احفظْني مِن بين يديَّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ مِن تحتي))؛ أخرجه أبو داود في سننه وصحَّحه الألباني.
ومن الأدعية والتحصينات العظيمة النبوية المهمة التي تُقال في الصباح والمساء، ما أخرجه أبو داود في سننه وصحَّحه الألباني في صحيح الأدب المفرد، عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ: يَا أَبَتِ، إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ «اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، تُعِيدُهَا ثَلَاثًا، حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي»، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهِنَّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ، (عافِني في بدني؛ أي: من الأمراض والأسقام والآفات والشرور).
ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة النبوية ما أخرجه أبو داود في سننه وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ))؛ أي: الأمراض الرديئة الخطيرة، ذات الأثر السيئ على المريض ومن حوله؛ كالأمراض المزمنة والسرطان ومرض الكورونا المنتشر هذه الأيام.
ومن الأدعية النبوية الجامعة والتحصينات النافعة، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)). ومن الأدعية المهمة ما أخرج الترمذي في جامعه وحسنه الألباني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ)).
ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة النبوية الدعاء عند الخروج من المنزل، فقد أخرج أبو داود في سننه وصحَّحه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟)).
قراءة القرآن تَدْفَعُ البلاء:
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، ويقول الله: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44].
ومن التحصينات المؤثرة الفعَّالة
ومن التحصينات الوقائية القرآنية المهمة
ومن التحصينات القرآنية الوقائية المهمة:
الصلاة تَدْفَعُ البلاء:
وعَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((قَالَ اللهُ: يَا بْنَ آدَمَ، لَا تَعْجزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ))؛ (مسند أحمد، وأبو داود).
فالصلاة تَدفَعُ الكرب، وتنجي صاحبها المداوم عليها من العقبات والشدائد؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ طِينٍ))؛ صحيح البخاري.
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45].
[b]<font size="5">ومنها قِـيَـاُم اللَّـيْـلِ: ملازمة الاستغفار:
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10- 12].
وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3]، وقال تعالى: ﴿ وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33].
وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾، فهذا مانعٌ مِن وقوع العذاب بهم، بعدما انعقدت أسبابه.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أمانانِ كانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفع أحدهما وبقي الآخر: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾؛ [أخرجه أحمد].
((مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ))؛ رواه أبو داود وابن ماجه، وأحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الأوسط"؛ وغيرهم.
((العبدُ آمنٌ من عذاب الله ما استغفر الله))؛ [أخرجه أحمد].
كثرة الصلاة على النبي تَدْفَعُ البلاء:
((مَا شِئْتَ))، قُلْتُ: الرُّبُع، قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ))، قُلْتُ: فَالنِّصْف؟ قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ))، قُلْتُ: فالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ))، قُلْتُ: أجعَلُ لَكَ صَلاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: ((إذًا تُكْفى هَمَّكَ، وَيُغْفَر لَكَ ذَنْبكَ))؛ (سنن الترمذي، وحسَّنه الألباني).
وقال سهل التستري رحمه الله: «الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولَّاها هو وملائكته،ثمَّ أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليست كذلك».
ومن عجيب ما ورد عن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأنها تفرج الكرب ما ذكره الحافظ السخاوي في كتابه (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع):
(الإقلابية)، قَلَّ مَن ينجو منها مِن الغرق، فنِمْتُ فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي: ((قل لأهل المركب أن يقولوا ألف مرة: اللهم صلِّ على سيدنا محمد صلاةً تُنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتَقضي لنا بها جميعَ الحاجات، وتُطهرنا بها من جميع السيئات، وتَرفعُنا بها عندك أعلى الدرجات، وتُبَلِّغُنا بها أقصى الغايات مِن جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات))، قال: فاستيقظت وأخبرت أهل المركب الرؤيا؛ فصلينا نحو (ثلاثمائة) مرة؛ ففَرَّجَ الله عنا وأسكن عنا تلك الريح ببركة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
(النفحة الإلهية في الصلاة على خير البريه للشيخ المُحدِّث عبدالله الصديق الغُمَاري).
صَنائعُ المَعروف تَدفَعُ البلاءات والآفات:
هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]، ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].
وصدقة السر تطفئ غضب الرب،
ففي الترمذي: ((إنَّ الصدقة تُطفِئ غضب الربِّ، وتدفع ميتة السوء))، وفي الترمذي أيضًا من حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصدقة تُطفِئ الخطيئة كما يُطفِئ الماءُ النارَ)).
((صنائعُ المعرُوفِ تقي مَصارِعَ السُّوءِ، والآفاتِ، والهَلَكَاتِ، وأَهْلُ المعرُوفِ في الدُّنيا هُمْ أَهلُ المعرُوفِ في الآخِرَةِ))؛ [رواه الحاكم، وهو في صحيح الجامع].
إن الصدقة لترفع الأمراض والأعراض من مصائب وبلايا، وقد جرب ذلك الموفقون من أهل الله، فوجدوا العلاج الروحي أنفع من العلاج الحسي، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج بالأدعية الروحية والإلهية، وكان السلف الصالح يتصدقون على قدر مرضهم وبليتهم، ويخرجون من أعز ما يملكون؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((داووا مرضاكم بالصدقة))؛ حسنه الألباني في صحيح الجامع.
((وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم))؛ (صحيح الجامع).
((قولي لأبي عبدالله يوسع الماء على المسلمين))، فجئت بالرقعة إلى الحاكم فأمر بسقاية بُنِيت على باب داره، وحين فرغوا من بنائها أمر بصبِّ الماء فيها وطرح الجمد؛ أي: الثلج في الماء، وأخذ الناس في الشرب، فما مرَّ عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء، وزالت تلك القروح، وعاد وجهه إلى أحسن ما كان، وعاش بعد ذلك سنين.
ومن التوجيهات الشرعية، والآداب المرعية في الشريعة: توقِّي المَواضِع التي فيها الوَباء: فقد وضع الإسلام أساس الحَجْر الصحي في مكافحة الأوبئة القاتلة السارية بما يتوافق مع حقائق الطب (والمراد بالحجر الصحي: تحديد حرية الانتقال لمَن تعرَّض للعدوى بمرض مُعْدٍ، وحجره مدة من الزمن تعادل أطول حد لحضانة ذلك المرض، فإذا ثبتت سلامته رفع عنه الحَجْر، وإلا عُزل بسبب إصابته).
((إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ -يعني: الطاعون- بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه))؛ (متفقٌ عليه).
((لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ))؛ (متفقُ عليه)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((وفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كما تَفِرُّ مِنَ الأسَدِ))؛ (رواه البخاري).
((إنا قد بايعناك فارجع)).
أيها المسلمون، هذه بعض العبادات التي تدفع البلاء ولطول الموضوع فسوف يكون لنا معه تتمة في الجمعة القادمة بمشيئة الله تعالى، نسأل الله تعالى أن يصرفَ عنَّا الوباء والبلاء، اللهم احْمِ بلادنا وبلاد المسلمين من شر الأمراض والأوبئة، ما ظهر منها وما بطن, اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم احفظ بلادنا وبلاد الإسلام من كل مكروه وسوء، وارزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير، اللهم آمين، وأقم الصلاة.
[b]شبكة الالوكة
<!-- END TEMPLATE: postbit_external -->