logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدي عرب فور داون، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





26-09-2025 04:34 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 11-08-2025
رقم العضوية : 1
المشاركات : 3455
الجنس :
قوة السمعة : 10
<!-- BEGIN TEMPLATE: postbit_external -->
إلى الله المصير
هبْ أنك عشت في النعيم، وذقت ألوان المتاع، وطال بك المقام بين النضرة والسرور؛ فإنك ولابد مفارقه، ثم إلى ربك المرجع والمصير: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم ۖ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 23].
يا أيها الناس غاية ما تؤملون ببغيكم، وشرودكم عن الإخلاص لله أن تنالوا من حطام الدنيا، وجاهها النزر اليسير الذي سينقضي سريعًا ويمضي جميعًا، ثم تنتقلون عنه بالرُّغْم.


إنّ بغيكم واعتداءكم على أنفسكم وظلمكم لها هو متاع في الحياة الدنيا سريع الزوال، لا تزيدون عليه، ثم إلى الله مصيركم ومرجعكم، فيخبركم بجميع أعمالكم، ويحاسبكم عليها، ويوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
ولقد توعد الله بالعذاب الشديد في النار لمن كذب أو جحد فقال: ﴿مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾
[يونس: 70]، فحقيقة الأمر أنهم إنما يتمتعون في الدنيا بكفرهم وكذبهم متاعًا قصيرًا، ثم إذا انقضى أجلهم فإلى الله مصيرهم، ثم يذيقهم عذاب جهنم الموجع المؤلم؛ بسبب كفرهم بالله، وتكذيبهم رسل الله، وجحدهم آياته.
هي- والله - النظرة القاصرة، والفكرة اللاهثة، والحركة المتعجلة وراء متاع قليل تعقبه حسرة دائمة وشقاء نافذ: ﴿مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النحل: 117]،
وربما تعلَّقت نفسٌ بكبراءَ وسادةٍ وأصحابِ دنيا وجاه؛ حتى تزينت الضمائر بطول الركون إلى حبال واهية تهوي بها في نار حامية.


وكثيراً ما يقود المتاع صاحبه إلى رفض الحق، بل يقوده إلى إضلال الآخرين وصدِّهم عن الهدى، ومن الناس مَن جعل لله شركاء عبدوهم مع الله؛ ليبعدوا الناس عن دينه: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ ۗ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ﴾ [إبراهيم: 30]، قل لهم أيها الرسول: تمتعوا في حياتكم الدنيا؛ فإنها سريعة الزوال، وإن مردَّكم ومرجعكم إلى عذاب جهنم، وبئس المصير.
لكنها الغفلة المطبِقة، والجهل المركَّب، والاغترار بطول المتاع، فإذا جاء أمر الله ووعده الحق تلاشت سِنُونَ المتاع كأن لم تكن، ولم تغن من عذاب الله شيئًا: ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ (206)مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)﴾ [الشعراء: 205-207].
أي: إن متعناهم في الدنيا برغد العيش، وصافي الحياة، ثم جاءهم بعد تلك السنين المتطاولة، والدهور المتواصلة ما كانوا يوعدون؛ مما طال إنذارُك إياهم به، وتحذيرُك لهم منه؛ أيُّ شيءٍ أغنى عنهم ذلك المتاع الفاني؟! لاجرم أنه لم يغنِ عنهم من عذاب الله شيئًا.
,,,,,,,,,,,,,,,,
فجعلناها حصيداً
ضرب الله لنا مثالًا في غيرِ ما آيةٍ من كتابه الكريم يصوِّر لنا حقيقة متاع هذه الدنيا؛ والناس لا يملكون من الدنيا إلا متاعها، وفوق ذلك فإنهم يرضون بها، ويقفون عندها، ولا يتطلعون إلى ما هو أكرم وأبقى؛ رغم أن حقيقة ذلك المتاع هو ما يصوِّره القرآن كثيراً، بل ويضرب له الأمثال: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].
هذا هو الماء ينزل من السماء، وهذا هو النبات يمتصه ويختلط به فيَمْرَعُ([1]) ويزدهر، وها هي الأرض كأنها عروسٌ مَجْلُوَّةٌ([2]) تتزين لعرس وتتبرج، وأهلها مزهوون بها، يظنون أنها بجهدهم ازدهرت، وبإرادتهم تزينت، وأنهم أصحاب الأمر فيها؛ لا يُغيُّرها عليهم مُغَيِّر، ولا ينازعهم فيها منازِع.
وفي وسط هذا الخِصْبِ المُمْرِع، وفي نشوة هذا الفرح المُلَعْلِع([3])، وفي غمرة هذا الاطمئنان الواثق: {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
في ومضة، وفي جملة، وفي خطفة، وذلك مقصودٌ في التعبير بعد الإطالة في عرض مشهد الخِصْبِ والزينة والاطمئنان.
وهذه هي الدنيا التي يستغرق فيها بعض الناس، ويضيِّعون الآخرة كلها؛ لينالوا بعض المتاع.
هذه هي الدنيا؛ لا أمن فيها ولا اطمئنان، ولا ثبات فيها ولا استقرار، ولا يملك الناس من أمرها شيئا إلا بمقدار.
هذه هي الدنيا، بينما الخير المُؤمَّل: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: 25].
فيا لبعد الشُّقَّة([4]) بين دار يمكن أن تُطمس في لحظة، وقد أخذت زخرفها وازينت، وظن أهلها أنهم قادرون عليها، فإذا هي حصيدٌ كأن لم تغن بالأمس، ودار السلام التي يدعو إليها الله، ويهدي من يشاء إلى الصراط المؤدي لها حينما تنفتح بصيرته، ويتطلع إلى دار السلام.
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45]. وجاء عرض هذا المشهد قصيراً خاطفًا ليلقي في النفس ظلَّ الفناء والزوال؛ فالماء ينزل من السماء، فيخرج به النبات بإذن الله، فيصير مُخْضرًّا، وما هي إلا مدة يسيرة حتى يصبح النبات هشيمًا يابسًا متكسرًا، تذروه وتنسفه الرياح إلى كل جهة، وما بين ثلاث جمل قصار، ينتهي شريط الحياة.

إن الدنيا لا تعدو ما ذكره الله تعالى مصورًا الدنيا كلها بصورة هزيلة زهيدة تُهوِّن من شأنها، وترفع النفوس عنها، وتُعلِّقها بالآخرة وقِيمها: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد: 20].
اعلموا - أيها الناس- أنما الحياة الدنيا لعب ولهو ؛ لعب تلعب به الأبدان، ولهو تلهو به القلوب، وزينة تتزينون بها، وتفاخر بينكم بمتاعها، وتكاثر بالعدد في الأموال والأولاد.
والحياة الدنيا حين تقاس بمقاييسها وتوزن بموازينها تبدو في العين وفي الحس أمرا عظيما هائلا، ولكنها حين توزن بميزان الآخرة تبدو شيئا زهيداً تافهًا! وهي هنا في هذا التصوير تبدو لعبة أطفال بالقياس إلى ما في الآخرة من جِدٍّ تنتهي إليه مصائر أهلها بعد لعبة الحياة! لعب، ولهو، وزينة، وتفاخر، وتكاثر، هذه هي الحقيقة وراء كل ما يبدو فيها من جدٍّ حافل، واهتمامٍ شاغل.
والدنيا يُعْجَب لزخرفها وغرورها البشرُ، ويزداد العُجْب بها حين يغادر الإيمانُ القلبَ ويَحِل فيه الكفر والظلمة، وهكذا يمضي القرآن مصوِّراً حال الدنيا:
{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} فمثلها كمثل مطر أعجب الزرّاع نباته، فالكافر في اللغة هو الزارع؛ لأنه يَكْفُرُ الحبَّة، أي: يحجبها ويغطِّيها في التراب؛ ولعلَّ اختيار لفظ {الْكُفَّارَ} هنا فيه تورية وإلماح إلى إعجاب الكافرين بالحياة الدنيا.
{ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} أي: ثم يهيج هذا النبات فييبس ويصفر بعد خضرته؛ فهو موقوت الأجل ينتهي عاجلا ويبلغ أجله قريبا, ثم يكون فُتاتًا يابسًا متهشمًا.
وأما الآخرة فلها شأن غير هذا الشأن؛ شأن يستحق أن يُحسب حسابه، ويُنظر إليه، ويُستعد له؛ لأن الآخرة لا تنتهي في لمحة كما تنتهي الحياة الدنيا، ولا تنتهي إلى حطام مثل ذلك النبات البالغ أجله، إنها حساب وجزاء، ودوامٌ يستحق الاهتمام والاعتناء!
{وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} هناك في الآخرة عذاب وخزي وخسران لأهل الكفر والفساد والطغيان، يقابله مغفرة ونعيم ورضوان لأهل التوحيد والتقوى والإيمان.

{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} أي: (وما الحياة الدنيا) لمن عمل لها ناسيًا آخرته (إلا متاع الغرور)؛ فهي تبدأ وكأنها نشوة الشباب، ثم سُرعان ما يصيبها الهرم، ثم الفناء.
قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: الدنيا خمر الشيطان؛ من سَكِرَ منها لم يُفٍق إلا في عسكر الموتى نادمًا مع الخاسرين.
والله يدعونا إلى دار القرار وحقيقة المتاع، إلى الغاية الكريمة التي تستحق السباق، والتي ينتهي إليها المصير، وفيها عالم البقاء: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]؛ فليس السباق إلى إحراز اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر بسباق يليق بمن شَبُّوا عن الطَّوْقِ([5])، وتركوا عالم اللهو واللعب للأطفال والصغار؛ إنما السباق إلى ذلك الأفق السامي، وإلى ذلك الهدف النبيل، وإلى ذلك الملك العريض: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ}.

###
[1] أي: يُخْصِب بكثرة العشب والكلأ.
[2] جَلَوتُ الْعَرُوس أجلوها جلاء فهي مَجْلُوَّةٌ؛ إِذا أبرزتها، والمصدر فيهما الجلاء.
[3] أي: المُدَوِّي.
[4] أي: المسافة الشاقَّة.
[5] في المثل: (شبَّ عمرٌو عن الطوق)؛ وهو عمرو بن عدي، وكان أتى إلى خاله جذيمة الأبرش الملك وقد ألبسته أمُّه طوقًا فقال خاله جُذيمة: (شبَّ عمرو عن الطوق)؛ أي: كبر، فذهب مثلًا للرجل يعمل شيئا وهو لا يَحْسُن به أن يعمل مثله، كالشيخ يتصابى، والعجوز تتشبه بالشّوابّ.
أنور إبراهيم النبراوي

داعية إسلامي وباحث في الدراسات القرآنية والتربوية
ومهتم بشؤون الأسرة

<!-- END TEMPLATE: postbit_external -->

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
تم ترقية جودة بث قناة الجماهيرية بلس إلى HD على التردد 10971 admin
0 6 admin
سوفت تحويل معالج 1506tv إلى SCOPE بتاريخ 22 9 2025 admin
0 9 admin
محمد الشامي ينهي برنامجه التأهيلي فى قطر ويعود إلى المصري admin
0 7 admin
أحاديث في فضل الذهاب إلى المسجد admin
0 2 admin
الفرار إلى الله حقيقته وثمراته خطبة admin
0 5 admin

الكلمات الدلالية
المصير ،









الساعة الآن 10:22 PM